الطلاق بداية جديدة

moosa_alkhaldi

أرسل إلى صديق

إذا كنت مشترك من قبل إنقر هنا للدخول إلى حسابك.  إنضم الان للحصول على حساب مجاني
البدايات الجديدة تكمن في الإرادة ذاتها فكم من مرة بدأنا فعلاً بداية جديدة للتغير، ولكن ما نكاد نسير في الطريق يومًا أو يومين إلا ننتكس مرة أخرى لعوامل من داخلنا، أو لطوارئ ودواعٍ من خارجنا. إذن: ما العمل؟ وأين الطريق؟ لابد لكل منا من نقطة تحوُّل، يُحَوِّل فيها مساره إلى طريق هو يرضاه لنفسه برضى داخلي يطغى على الخارجي، ولذلك يجب عليه أن يهجر طريقه السابق الذي انخذل فيه وتبلد وانعدمت الثقة منه إلى طريق يرى النور من خلاله.

في بلادنا العربية ارتفعت نسب الطلاق بأرقام هائلة وبالتحديد في دول الخليج، أصبحت ظاهرة سائدة في مجتمعاتنا وتكاد لا تخلو أسرة من احتوائها على مطلقة، ولكن يجب علينا أن نعي بأن الطلاق في بعض الأحيان يكون أمراً ً محتماً لابد منه، لأن المرأة تحتاج في المقام الأول إلى الرعاية، والتفهم، والاحترام، والإخلاص، والتصديق، والطمأنينة وإن لم تتوفر هذه الصفات لها فبلا شك سوف يعتليها الفراغ والطلاق في هذه الحالة يكون مفرجاً لها.

وحينما تقتصر نظرتنا على المطلقة ونقول بأن كارثة حلت بها وفضيحة تكاد لا تغتفر ونلقي عليها كل المسببات وأنها هي الملامة لما حصل؛ هنا لابد أن نراجع أنفسنا .. لأن كل هذه النظرات المحدودة للمطلقة يجعلها تصاب بالفشل في مختلف جوانب حياتها وتسلم نفسها للمشاعر القاسية التي حلت بها، وكل هذا سببه حصيلة كراهية أو زلة زوج من أمر هي لم تكن مسؤولة عنه أساساً، فتعيش في اضطرابات نفسية وعاطفية خطيرة.

نعلم جميعاً أن الحب هو عملية متبادلة ولا تكون من جانب واحد، فلا عطاء دون أخذ ولا أخذ دون عطاء، وإن كسر أحد الزوجين هذه القاعدة فتكون المطلقة هي الضحية! ولكن مع ذلك يجب على المطلقة أن تعي بأنه حينما لا يكون من نصيبها شيء فالله هو من اختاره لها، وبكل صدق لابد أن تتقبله؛ لأنه سيكون من نصيبها (شيء أجمل) شيءٌ اختاره الله لها، وسوف يطبع الله حبه في قلبها! فالطلاق ليس النهاية بل لابد أن يكون بادرة تحول لحياة جديدة تملؤها بحب ذاتها ثقة في نفسها للبدء بخطة نجاح جديدة.

لذلك وإن لم تكن هي سبب الفشل فعليها أن تعلم ما هي المسببات التي نشأت منه لتغيير من اساليبها لحياة جديدة تنعم بها، فدوام الحال من المحال وبالتخطيط سوف يكون حالكِ بأفضل حال.. الفصول تتغير، والأيام تتبدل، والمشاعر تنبض بالحب وتتجدد، والقادم ملك يديك بإرادتك للنجاح من بعد تجربة مثرية في عالم الحياة الزوجية. فجميل أن تتعلمي كيف تكتفين بذاتك وتتقبلينها حتى يتقبلك المجتمع وتكوني راضية عن نفسك برضى داخلي لأجل ذاتك الكريمة، ولابد أن تغلقي عين القلب بفتح عين العقل لكي تري بعقلك حقائق ما كنتِ ترينها بقلبك!

وهكذا المطلقة من سابق تجربة سوف تعيد اكتشاف خبايا نفسها وكينونتها بأرادتها في التغيير لحياة تملؤها الحب مع شريك حياة تحسن التعايش معه وحينها سوف تنظر للحياة بعين طفل أول مرة ترى فيها جماليّة الألوان، وسترى بأن كل روعة تكمن في تفردها، حتى في الحزن حين يتفرد بها..! فنجاحها مع نفسها سوف يشعرها بأنها ما زالت بخير.

هناك الكثير من المطلقات التي استشرنني في حياتهن ورأيت فيهن حب التغير ومنهن من قمن بإكمال دراستهن الجامعية وحصلن على أعلى الشهادات، والبعض الآخر أصبحن مدربات يعلمن المجتمع من خبراتهن، ومنهن من أصبحن أعضاء في مؤسسات خيرية واجتماعية وغيرها من أماكن يفخر المجتمع بنجاحاتهن.

يجب أن لا يكون الطلاق عائقاً أمام مواصلة المشوار، لا شك بأن الألم يتفرد بكِ لابد من ذلك ولكن تيقني بأن شعورك به يعني أنكِ ما زالتي على قيد الحياة وهنا تكمن روعته، ولتستعيني بالله العلي القدير بالدعاء وكثرة الاستغفار وقراءة القرآن وسوف يبدل الله الحال إلى أفضل حال. وتذكري قول الحبيب عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرّاء شكر؛ فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر؛ فكان خيراً له. كل ما يصيبنا من عند الله هو خير وأحسن تأويلا ويحتاج إلى صبر قليل وبعد الصبر فرجٌ قريب بأذن الله.


بقلم: م.موسى الخالدي
كاتب في مجال: الحياة والمجتمع
Twitter:@Moosa_Alkhaldi
Insta:@Eng_Moosa_Alkhaldi

التعليقات

هل ترغب في إضافة تعليق؟

إذا كنت مشترك من قبل إنقر هنا للدخول إلى حسابك.  إنضم الان للحصول على حساب مجاني

    © جميع الحقوق محفوظة، كل بيت ٢٠١٤